طريقة عمل أدمغتنا غريبة بعض الشيء، فقد تتذكر معلومة عشوائية شاركها معك صديقك منذ 10 سنوات، وفي نفس الوقت تجد نفسك تائهًا غير قادر على تذكر أي شيء بعد أن تخرج من محاضرة أو اجتماع عمل، وكأّن ذاكرتك تم محوها بالكامل في هذه اللحظة. يعود ذلك بشكل أساسي إلى قدرة استيعاب ذاكرتنا ومرونتها والتقنيات التي نتبعها لتثبيت المعلومات فيها. فإن كنت من الأشخاص الذين ينسون ما تعلموه خلال بضعة أيام، ويؤثر ذلك سلبًا على حياتك، اقرأ مقالنا للتعرف على أفضل 8 تقنيات يتبعها فائقي الذكاء لتثبيت المعلومات في الذاكرة مدى الحياة.
هل تسائلت يومًا ما كيف تعمل الذاكرة؟
لكي تعتمد على التقنيات الصحيحة لتثبيت المعلومات في الذاكرة لابدّ من فهم أساسيات عملها. لكن لن نخوض في تعقيدات الدماغ البشري، فقط سنلجأ إلى الأخصائيين في هذا المجال كمصدر للفهم.
فوفقًا لعالمة الأعصاب دافنا شوهامي Daphna Shohamy، فإنّ الذاكرة “هي أساسًا سجل في دماعنا لأحداث حدث في الماضي”. وإن لجأنا لكيفية عمل الذاكرة وفقًا لكتاب “كيف تعمل الذاكرة How Memory Works” الذي نشرته جامعة هافارد، يوجد 3 عمليات رئيسية تعكس آلية عمل الذاكرة وهي: التشفير والتخرين والاسترجاع.
- التشفير Encoding: يُشار هنا إلى المرحلة الأولية من تعلمك وفهمك للمعلومات. ووفقًا للكتاب، عندما تربط المعلومات التي تتعلمها بمشاعر ومعاني، يشار إلى هذه الطريقة بالتشفير الدلالي semantic encoding، ستزيد قدرتك على تخزين المعلومات في الذاكرة وتذكرها لاحقًا.
- التخرين Storage: يُشار به إلى كمية المعلومات التي يتم حفظها في دماغك ومتى وأين يتم حفظها. وهناك نوعان شهيران للذاكرة هما: الذاكرة قصيرة المدى (STM) والذاكرة طويلة المدى (LTM).
- الاسترجاع Retrieval: يُشار هنا إلى كيفية وصولك إلى ذكرياتك.
اقرأ: أفضل ألعاب تقوية الذاكرة وكيف يمكن لممارستها أن تغير حياتك
8 أساليب يتبعها فائقي الذكاء لتثبيت المعلومات في الذاكرة
إليكم أهم الوسائل والتقنيات التس تساعدكم في حفظ المعلومات وتخزينها في الذاكرة لفترات زمنية طويلة:
1. التصوّر Visualization
كما يُقال الصورة تساوي ألف كلمة. تتضمن تقنية التصوّر استخدام العناصر المرئية وربطها بالمعلومات لسهولة تخزينها. يتضمن ذلك ربط المعلومات التي تحاول تذكرها بالصور التي يمكن تخيلها في عقلك والتي عادة ما تكون أشياء مألوفة. فلابدّ لك من معرفة أن الدماغ يعالج المعلومات المرئية أسرع بـــ 60 ألف مرة من النصوص.
لاستخدام هذه التقنية، ابدأ بإنشاء قائمة من المفردات المرتبطة بالموضوع الذي تحاول تثبيته في ذاكرتك، ثم اختر عناصر من هذه القائمة واربطها بصور من ذهنك تمثله. تصور المعلومات المقروءة أو المنقولة إليك سوف يطبعها في ذهنك، مما يزيد من احتمالية تذكرها.
انظر: لذاكرة قوية.. 10 تمارين بسيطة لتقوية الذاكرة بنسبة 200%
2. الاقتران Association
الكثيرون يستخدمون طريقة الاقتران أو الارتباط لحفظ الأشياء وتثبيتها في الذاكرة دون إدراك ذلك. فإن قمت من قبل بربط معلومة جديدة بمعلومة أخرى تعرفها مسبقًا لتسهيل تذكرها، فقد جرّبت تقنية الاقتران.
ويشير الخبراء إلى أنّ هذه التقنية فعّالة عند محاولة حفظ المعلومات المجردة (المعلومات التي لا يمكنها تصورها بسهولة في عقلك)، كالأسماء على سبيل المثال.
ففي كتابه، “رقصة القمر مع أينشتاين Moonwalking With Einstein”، يتحدث الكاتب فوير عن اختبار يُظهر أنّه من الصعب تذكر الكلمات المجردة. تضمّن الاختبار إخبار أحد المشاركين أنّ الشخص الجالس أمامه هو خباز “Baker” وإخبار مشارك آخر أنّ الشخص الجالس أمامه يدعى بيكر “Baker” (اسمه).
أظهرت الدراسة أنّ المشاركين الذين قبل لهم عن الشخص المدروس أنّه خباز “Baker”، تذكروا هذه الكلمة أكثر من الأشخاص الذين تم إخبارهم أنّ الشخص المدروس اسمه بيكر “Baker”. حيث أنّ مهنة الخباز تحمل ارتباطاتها الخاصة – رائحة خبز الخبز، والقبعات الطويلة التي يرتديها الخبازون، وما إلى ذلك، وكلها اقترانات تجعل كلمة “خباز” أكثر وضوحًا. في حين أنّه لا يوجد اقترانات متعلقة بالاسم بيكر “Baker” باستثناء صورة الشخص.
لذلك، فإنّ ربط هذه الأفكار واقترانها بشيء نعرفه يسهل علينا من حفظ وتثبيته في الذاكرة طويلة الأمد.
اقرأ: 8 علامات غير معروفة في لغة الجسد تعكس مستوى الذكاء العالي
3. تقنية القطع Chunking
تعتبر تقنية القطع وسيلة أخرى فعالة لتثبيت المعلومات في الذاكرة. ومن خلال هذه التقنية يتم تجميع أكثر من عنصر معًا بحيث يصبح تذكرها أسهل.
فالخطوة الأولى لتخزين المعلومات في الذاكرة هي مرورها من الذاكرة قصيرة الأمد إلى الذاكرة طويلة الأمد. ووفقاً لأحدث الدراسات، فإنّ الذاكرة قصيرة الأمد لديها القدرة على استيعاب 4 قطع من المعلومات، بالتالي إن كانت كمية المعلومات أكبر من ذلك، تفيد تقنية القطع في جمع هذه المعلومات في وحدات أكبر لتسهيل تذكرها.
فعلى سبيل المثال، إن كنت ستحفظ رقم موبايل صديقك المكون من 9 أرقام، إن حفظته على 3 قطع كل منها 3 أرقام، بدلًا من حفظه رقم رقم، سيكون تذكره أسهل عليك بكثير.
وإن دققت بالأشياء من حولك، ستجد أنّ الكثير من البيانات يتم نشرها على شكل قطع من المعلومات لتسهيل تذكرها، على سبيل المثال أرقام بطاقات الائتمان أو أرقام الحسابات البنكية وغيرها.
انظر: 8 عادات يومية شائعة تهدد صحة دماغك ومن السهل الإقلاع عنها
4. فن الاستذكار Mnemonics
فن الاستذكار، هو مجموعة من التقنيات التي يمكننا اعتمادها لتحسين قدرتنا على حفظ المعلومات في الذاكرة لفترات زمنية طويلة.
من أهم أساليب فن الاستذكار نجد ربط المعلومات بالموسيقى. فمن برأيك أسهل، حفظ قائمة مشتريات من متجر البقالة أم كلمات أغنية تحبها؟ على سبيل المثال، إن كنت تتعلم اللغة الإنجليزية وتبحث عن طريقة حفظ كلمات اللغة الانجليزية مدى الحياة، فإنّ الاستماع إلى الأغاني التي تتضمن وضع مجموعة المفردات وربطها بلحن وقافية معينين تسهل علينا تذكرها لفترات طويلة.
مثال آخر على فن الاستذكار، إنشاء قائمة قصيرة من بعض المفردات وأخذ أول حرف من كل كلمة منها وإنشاء كلمة واحدة مختصرة للمفردات التي قمنا بجمعها. على سبيل المثال، المفردة BECAUSE يمكن جعلها اختصار لجملة: Big elephants can always understand small elephants.
طريقة أخرى شهيرة للاستذكار هي تقنية “loci” وهي استراتيجية لتحسين الذاكرة تستخدم تصورات للبيئات المكانية المألوفة من أجل تعزيز استرجاع المعلومات. على سبيل المثال، يمكنك تذكر أشياء متعلقة بالمنزل، عبر تخيّل ترتيب الأثاث في منزلك.
ولن ننسى أيضًا ذكر فن الاستذكار المعتمد على القافية، حيث يمكنك إنهاء كل سطر من المعلومات التي تحاول حفظها وتذكرها بقافية لتسهيل تثبيت المعلومات في الذاكرة.
اقرأ: ما هي أفضل كتب علم النفس؟
5. التكرار Repetition
لا يوجد مجال للشك أنّ التكرار هو من أفضل وسائل تثبيت المعلومات وحفظها في الذكرة. يقول نيكولاي كوكوشكين، الباحث في جامعة نيويورك، أنّ “التكرار هو محفز موثق جيدًا لتكوين الذاكرة، فكلما تكرر شيء ما، كلما كان تذكره أفضل”. ووجد أنّ الأحداث المتكررة تحفز الذاكرة طويلة المدى.
ويحقق التكرار أهدافه في نقل المعلومات إلى الذاكرة طويلة الأمد، في حال تم وضع فترات زمنية من الراحة بين التكرارات لكي تمنح عقلك وفتًا لمعالجة المعلومات وتخزينها بشكل أفضل.
أمّا النقطة الثانية الأهم لتحقيق الفائدة من التكرار فهي الفهم. فإن لم تفهم المعلومات التي تسعى لحفظها قبل تكرارها، لن تترسخ في ذهنك حتى لو كررتها عشرات المرات.
ومع أنّ التكرار يمكن أن يكون مفيدًا في حفظ المعلومات، إلا أنّه يُنصح بريطه بتقنية أخرى من التقنيات المذكورة في مقالنا للتأكد من ترسيخ المعلومات بشكل كامل.
قد يهمك: قاعدة الخمس ساعات.. انضم إلى بيل غيتس وإيلون ماسك لتغيير حياتك للأفضل
6. التعلم الفعال Active Learning
التعلم الفعال ليس مجرد وسيلة لدراسة المعلومات بأي طريقة، بل إنّه نهج شامل يهدف لاستيعاب اكبر قدر ممكن من المعلومات. وعادة ما يتضمن إشراك العقل والجسد والحواس في رحلة التعلم.
يحفّز التعلم النشط مناطق متعددة من الدماغ، مما يخلق مسارات عصبية تسهل عملية تخزين المعلومات في الذاكرة بشكل أفضل.
غالبًا ما يتم تلخيص التعلم النشط على أنه “التعلم من خلال اللعب” أو “التعلم القائم على الأنشطة” أو “العمل الجماعي”، وهو تعبير يغطي مجموعة من أنشطة التعلم التي تتطلب أكثر من مجرد الاستماع للمعلومات.
ومن أهم أساليب تطبيق هذه التقنية، التركيز العالي وإعادة صياغة وتكرار المعلومات وطرح الأسئلة وكتابة الملاحظات والمشاركة في الأنشطة والعمل ضمن فريق.
7. الخرائط الذهنية Mind Maps
لنتخيل أنّ عقلك أشبه بشبكة كبيرة من الأفكار والمعلومات المترابطة. تعد الخرائط الذهنية وسيلة لتنظيم هذه المعلومات وتصورها بطريقة أكثر تنظيمًا وذات معنى.
فكّر بالخريطة الذهنية على أنّها أشبه بشجرة ذات فروع متعددة. في وسط هذه الشجرة (الخريطة الذهنية) توجد فكرتك أو موضوعك الرئيسي، ومن ثمّ تتفرع الأفكار الفرعية أو المفاهيم ذات الصلة. بالتالي يمثل كل فرع تفصيل برتبط بفكرتك الرئيسية.
باختصار، تعد الخرائط الذهنية أداة إبداعية وفعالة للذاكرة لأنها تساعدك على تنظيم المعلومات بشكل مرئي، وإجراء اتصالات بين الأفكار، وإشراك جانبي عقلك من أجل الفهم وتثبيت المعلومات في الذاكرة بشكل أفضل. يسهل عليك ذلك فهم وتذكر المواضيع المعقدة لأنك لا تحفظ حقائق معزولة فحسب، بل ترى كيف أن كل شيء متصل ببعضه البعض.
انظر: ما هي أفضل كتب تطوير الشخصية؟
8. استخدام البطاقات التعليمية Flashcards
إن لم تكن البطاقات التعليمي مألوفة لديك، فهي بطاقات ملاحظات صغيرة ذات وجهين، أحدهما يتضمن معلومات محددة والوجه الآخر معلومات مبسّطة لتفسيره أو تسهيل فهمه. على سبيل المثال، قد يكتب على الوجه الأول “مدريد” والوجه الآخر “عاصمة إسبانيا”. والبطاقات التعليمية هي وسيلة شائعى وفعالة لاختبار الذاكرة وتحسينها من خلال التدريب على استرجاع المعلومات.
تتميز البطاقات التعليمية عن وسائل التكرار والمراجعة الأخرى أنّها سهلة الحمل وعادة ما تتم مراجعتها أكثر من دفتر الملاحظات أو الكتاب المدرسي مثلًا، وتكرار المعلومات المذكورة فيها يجعلها فعالة للغاية.
يمكنك قراءة مقالات مشابهة في قسم تطوير الذات وبناء الشخصية.
هل تبحث عن فرص ووظائف للعمل عن بعد؟ تفقد مقالات قسم العمل عبر الإنترنت.
مقالات ذات صلة:
- كيفية استخدام شات جي بي تي ChatGPT لإنشاء سيرة ذاتية احترافية
- 10 مواقع وتطبيقات لاستماع وتحميل الكتب الصوتية لملء أذنيك بمعلومات قيّمة
- كيفية تعلم إدخال البيانات Data Entry ذاتيًا من المنزل