كيف يمكن للتخلي عن الكتابة اليدوية مقابل الكيبورد أن يؤذي دماغك في هذا العصر الرقمي؟

يميل الأفراد في هذا العصر الرقمي إلى استبدال الكتابة بالورقة والقلم بالطباعة على لوحة المفاتيح، إلّا أنّ الدراسات تُشير إلى الأهمية الكبيرة للمحافظة على الكتابة اليدوية.

كيف يمكن للتخلي عن الكتابة اليدوية مقابل الكيبورد أن يؤذي دماغك في هذا العصر الرقمي؟

ترافقت الثورة التكنولوجية مع تغيرات في طريقة تدويننا للمعلومات، وحلت لوحات المفاتيح والشاشات مكان الورقة والقلم في كتاباتنا اليومية. ومع أنّ هذه التغييرات قد تبدو إيجابية وأكثر قابلية للتكيّف، إلّا أنّ الأبحاث العلمية تُظهر عكس ذلك.

تشير الأبحاث إلى أهمية الكتابة اليدوية بالورقة والقلم كونها توفر فوائد عصبية إدراكية لا يمكن لأدوات الكتابة الرقمية أن تحاكيها في الحياة الواقعية.

ما هي فوائد الكتابة اليدوية؟

أجريت العديد من الدراسات حول العلاقة بين الكتابة اليدوية والذاكرة لدى الأفراد، منها دراسات أجريت في اليابان والنرويج والولايات المتحدة، وأظهرت جميعها أنّ الأفراد يتذكرون الأشياء التي يتم كتابتها يدويًا بشكل أفضل مقارنة مع كتابتها على الحاسوب. أي أنّ الكتابة اليدوية تحسّن من الذاكرة تعزز من التعلم، وتسهل من كيفية استيعابنا للمعلومات واحتفاظنا بها.

باختصار شديد، تتلخص فوائد الكتابة اليدوية في إشراك عدّة حواس في عملية الكتابة، ولنرى مجموعة من الأبحاث التي تؤكد لنا ذلك.

في إحدى الدراسات التي شملت 42 شخصًا بالغًا يتعلمون اللغة العربية، تم استنتاج أنّ المشاركين الذين تعلموا حروف اللغة العربية عن طريق كتابتها يدويًا بالورقة والقلم، تمكنوا من حفظها والتعرف عليها وتسميتها ونطقها بشكل أسرع، مقارنة مع الأفراد الذين طُلب منهم تعلم حروف اللغة العربية عن طريق الكتابة على لوحة المفاتيح (الكيبورد) أو الذين طُلب منهم النظر إليها فقط.

وتم تفسير ذلك النتائج بأنّ الكتابة اليدوية تساعد على تنشيط مناطق مختلفة من الدماغ، وأنّ تعلم مفردات جديدة يتطلب ربط كل رمز مجرد بمعلومات على المستويات البصرية والحركية والسمعية.

تقول ميليسا برنتي، الباحثة في العلاج الوظيفي بجامعة برونيل في لندن: “الإمساك بالقلم بأصابعنا، والضغط عليه ومن ثمّ الضغط به على سطح ما للكتابة، وتحريك أصابعنا لتشكيل الحروف والمفردات، هو مهارة معرفية-حركية معقدة تتطلب الكثير من التركيز”. مما يجعل الكتابة اليدوية تساهم في تقوية التركيز والانتباه لدى الأفراد عند الكتابة.

في دراسة أخرى أجريت على 205 شابًا وشابة في الولايات المتحدة وأوروبا، توصلوا إلى أنّ حاسة اللمس تلعب دورًا حيويًا في الطريقة التي نستوعب بها المعلومات. حيث أنّ العديد من الشباب في الدراسة أشاروا إلى أنّهم يشعرون بتركيز عالي وانتباه أكبر وذاكرة أفضل عند كتابة النصوص باستخدام الورقة والقلم، بدلًا من الضغط على لوحة المفاتيح للطباعة.

فقد يبدو غير مألوف لدى البعض أنّ إشراك حواسنا يجعلنا متعلمين أفضل، لكنّ الأنشطة المرافقة للكتابة اليدوية مثل اللمس والحركة، تُنشط نفس المناطق في الدماغ التي تشارك أيضًا في التعلم والحفظ.

اقرأ: خط يدك هو هويتك… 7 نصائح من الخبراء لتحسين خط اليد لكتابة أجمل وانظر: كيف يمكن لإدمان السوشيال ميديا أن يدمر حياتك وكيفية التخلص منه

الكتابة اليدوية تتفوق على الطباعة باستخدام لوحات المفاتيح

تقول أودري فان دير مير، أستاذة علم النفس العصبي في جامعة العلوم والتكنولوجيا النرويجية: “يمكننا تشبيه الدماغ بنظام طرق. فشبكات الدماغ لدى الأطفال تشبه المسارات الضيقة والمتعرجة في الغابة، ومع الممارسة والخبرة، تتحول هذه المسارات الضيقة إلى طرق سريعة تربط بين أجزاء مختلفة من الدماغ لنقل المعلومات بسرعة وكفاءة أكبر”.

في دراسة أخرى أجريت مؤخرًا، قام الباحثون بفحص نشاط الدماغ لدى 36 شابًا وشابة من طلاب الجامعات أثناء قيامهم بمهام كتابية. طُلب من المشاركين كتابة كلمات لعبة “بيكشنري” باستخدام قلم رقمي على جهاز بشاشة تعمل باللمس أو كتابتها على لوحة مفاتيح. وتم تسجيل نشاط الدماغ أثناء كل مهمة باستخدام تقنيات تخطيط كهربية الدماغ (EEG).

أثارت النتائج دهشة الباحثين بعد أن وجدوا أنّ الدماغ بأكمله كان نشطًا أثناء الكتابة اليدوية باستخدام قلم رقمي على شاشة باللمس، مقارنة مع مناطق أقل نشاطًا بكثير في الدماغ عند الكتابة باستخدام لوحة المفاتيح. وهذه دراسة أخرى تُثبت أنّ الكتابة اليدوية تترافق مع استخدام معظم أجزاء الدماغ لإنجاز المهام الكتابية.

ومن النتائج الأخرى التي حصل عليها الباحثون، أنّ الأجزاء المختلفة من الدماغ التي يتم تنشيطها أثناء الكتابة اليدوية تتواصل مع بعضها البعض من خلال موجات دماغية مرتبطة بالتعلم. هذا ما يدعى تذبذبات ألفا وثيتا في الدماغ والتي تُعتبر مفيدة للتعلم والتذكر.

أي بالنتيجة، نجد أنّ أغلب الدراسات التي قارنت بين تأثير الكتابة اليدوية والطباعة على لوحة المفاتيح، تُثبت أنّ الحفاظ على مهارات الكتابة اليدوية هو أمر بالغ الأهمية، خاصّة بالنسبة للأطفال.

وتأتي الأهمية من كون العديد من المدارس والجامعات من حول العالم توقفت عن تعليم الكتابة بخط اليد، وأصبحت تشجع الطلاب على الكتابة والقراءة باستخدام الأجهزة اللوحية، مما قد يؤثر سلبًا على القدرات الإدراكية لدى هؤلاء الطلاب. ويبدو أنّ الباحثين يحاولون جاهدين لدفع هذه المؤسسات التعليمية لإعادة الكتابة اليدوية إلى مناهجها.

حتى الكبار، يتم تشجيعهم على ممارسة الكتابة اليدوية بين الحين والآخر، كونها تمرين ممتاز للحفاظ على مرونة الدماغ.

يمكنك قراءة مقالات مشابهة في قسم تطوير الذات وبناء الشخصية.

مقالات ذات صلة:

منها العيش لفترة أطول… 10 فوائد كبيرة تحققها لك الابتسامة

هل أنت ذكي؟ 10 علامات تميز الأشخاص الأذكياء وفقًا لعلم النفس

كيف تعرف أنك شخص مُبدع؟ 10 علامات تؤكد ذلك

عن الكاتب