غالبًا ما يُنظر إلى ضبط النفس على أنه معركة ضد رغباتنا، ولكن ماذا لو كانت السيطرة الحقيقية على النفس تكمن في تقبّل هذه الرغبات؟ يخوض جوناثان بريكر Jonathan Bricker، باحث علمي على المستوى الدولي، في تفاصيل مفهوم “الاستعداد”، وهو نهج مبتكر لضبط النفس يعتمد على ما يعرف بالعلاج بالقبول والالتزام (ACT).
يتم تعريف العلاج بالقبول والالتزام (ACT) على أنّه نوع من أنواع العلاجات المثبتة علميًا في تحليل دراسة السلوك التطبيقي. يهدف إلى زيادة المرونة النفسية لدى الفرد. أي بصورة أوضح، يصبح الفرد أفضل في العيش في اللحظة الحالية والتعامل مع مشاعره وأفكاره بشكل صحي.
في هذه الحلقة المميزة من تيد إكس، يتحدث جوناثان بريكر Jonathan Bricker عن تجاربه الشخصية ورؤاه العلمية ويثبت كيف أن قبول رغباتنا، بدلاً من محاربتها، يمكن أن يؤدي إلى تغيير سلوكي عميق.
الرحلة الشخصية والقيم
يبدأ المتحدث بتقديم شخصيتين مؤثرتين في حياته: والدته ووالده. يبدأ بوالدته، التي بدأت ممارسة الرياضة في سن 42، وحققت في النهاية إنجازات مثل الماراثون، والسباقات الثلاثية، بل وحتى رحلتها إلى معسكر قاعدة جبل إيفرست. تجربة والدته علّمته قيمة الصحة.
أما والده، الذي كان مدرسًا للعلوم، فقد غرس فيه تقديرًا عميقًا للعلم. هذه القيم شكلت فهم المتحدث لظاهرة عالمية أكثر انتشارًا من وباء إيبولا، وهي العيش غير الصحي.
انظر: أفضل 8 أدوات الذكاء الاصطناعي في التعليم للطلاب والمعلمين
العيش غير الصحي
اليوم، يستخدم أكثر من مليار شخص التبغ حول العالم، ويعاني نصف مليار من السمنة، مما يجعل هاتين الظاهرتين من أكثر أسباب الوفاة المبكرة القابلة للوقاية.
الأسباب وراء هذه السلوكيات غير الصحية معقدة، تشمل الجينات، وكيمياء الدماغ، والتأثيرات البيئية. ومع ذلك، هناك جانب واحد يمكننا التحكم فيه: خياراتنا في كيفية الاستجابة للرغبات.
علم ضبط النفس
هنا يأتي العلم الجديد لضبط النفس، الذي يركز على مفهوم “الاستعداد”. على عكس الأساليب التقليدية التي تشدد على تجنب أو كبت الرغبات، يقوم مفهوم الاستعداد على الاعتراف بهذه الرغبات والسماح لها بالوجود دون التصرف بناءً عليها. أي بصورة أوضح، ملاحظة رغباتك وقبولها والسماح لها بالمجيء والذهاب بشكل طبيعي. والمفتاح ليس الانخراط في معركة ذهنية مع رغباتك، مما يجعلها غالبًا أقوى، بل مراقبتها بهدوء.
هذا النهج هو جزء من العلاج بالقبول والالتزام (ACT)، وهو علاج يستخدم لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق، والإدمان، وحتى في البيئات المهنية للحد من التوتر وتحسين الأداء.
في البداية، كان المتحدث متشككًا ورفض مفهوم الاستعداد باعتباره “هراء نفسي”، حتى حضر ورشة عمل في جامعة واشنطن. هناك، تم تعريفه بقوة القبول في التعامل مع الرغبات، وهو ما غير نظرته بشكل كبير.
يُجري مختبر الأبحاث الخاص بالمتحدث في مركز فريد هاتشينسون لأبحاث السرطان تجارب سريرية لاختبار فعالية الاستعداد في الإقلاع عن التدخين. يتم تعليم المشاركين أن يكونوا على وعي برغباتهم بدلًا من تجنبها.
النتائج مشجعة: الأشخاص الذين يتقبلون رغباتهم هم أكثر احتمالًا للإقلاع عن التدخين بمقدار الضعف مقارنةً بمن يحاولون تجنبها.
اقرأ: أفضل 10 حيل مُثبتة علميًا لتصبح شخصًا أكثر جاذبية وكاريزما
دراسة حالة: رحلة “جين” للإقلاع عن التدخين
لتوضيح فعالية الاستعداد، يشارك المتحدث قصة “جين”، وهي مركبة من عدة أشخاص تم إرشادهم. “جين”، وهي مدخنة مدى الحياة، كانت في البداية غير مدركة لرغباتها، وتعيش بشكل آلي. من خلال تمارين الاستعداد، تعلمت “جين” التعرف على رغباتها وقبولها دون التصرف بناءً عليها.
أحد التمارين الرئيسية كان إضافة عبارات مثل “أنا لدي فكرة” أو “ألاحظ أن لدي فكرة” إلى رغباتها. هذا خلق مساحة ذهنية سمحت لها باختيار عدم التدخين.
بالإضافة إلى ذلك، كانت “جين” تواجه مشاعر الخجل بشأن تدخينها، والتي تفاقمت بسبب حكم المجتمع ونظرتها السيئة لنفسها. من خلال تعلمها لتعامل نفسها بلطف، وجدت “جين” أنه من الأسهل مقاومة رغباتها.
سر ضبط النفس
الدرس النهائي في ضبط النفس هو ضد الفطرة: السر هو التخلي عن السيطرة. بدلًا من الدخول في صراع لا طائل منه مع الرغبات، ببساطة اسمح لها بالوجود. من خلال التمتع بالمرونة، نكتشف أن الرغبات ليست بالقدر الذي تبدو عليه من القوة، وفي كثير من الأحيان، تختفي من تلقاء نفسها.
أثناء مواصلتنا حياتنا اليومية، وخاصة عندما نواجه اختيارات مثل ما نأكله للغداء، يشجعنا المتحدث على أن نكون على وعي برغباتنا وأن نتعامل معها بروح من القبول. من خلال القيام بذلك، نصعد جبل ضبط النفس، ليس بالقوة، ولكن من خلال الفهم واللطف تجاه أنفسنا.
شاهدوا الحلفة كاملة من هذا الفيديو:
يمكنك قراءة مقالات مشابهة في قسم تطوير الذات وبناء الشخصية.
هل تبحث عن فرص ووظائف للعمل عن بعد؟ تفقد مقالات قسم العمل عبر الإنترنت.
مقالات ذات صلة:
9 كتب ينصح بقرائتها المدير التنفيذي لشركة جوجل Sundar Pichai
8 تقنيات يتبعها فائقي الذكاء لتثبيت المعلومات في الذاكرة مدى الحياة
