نعيش في عالم تزداد فيه المشتتات وتتراكم معها الضغوط اليومية، حيث أصبح من الصعب جدًا الحفاظ على التركيز والبقظة الذهنية. ومتأكدّ أنّ الكثيرين منّا جرّبوا طرقًا مختلفة للتخلص من المشتتات ومحاولة السيطرة على التوتر، ولكن القليل من هذه المحاولات تأتي بنتائج ملموسة. سنتحدث في هذا المقال عن محاضرة الطبيب النفسي جودسون بروير الذي تناول فيها كيفية استخدام الفضول الطبيعي كأداة فعالة للتأمل واليقظة الذهنية، وكيف يمكن لهذه التقنية أن تساعد في كسر العادات السلبية وتعزيز السلوكيات الإيجابية.
تجربة التأمل للتخلص من المشتتات والتوتر
عندما بدأ جودسون بروير أول مرة في تعلم التأمل، كانت التعليمات بسيطة: ركز على تنفسك، وإذا تشتت ذهنك، حاول إعادته للتركيز. بدت الأمور سهلة نظريًا، لكن عندما جلس جونسون في تلك الخلوات الصامتة، كانت التجربة مرهقة للغاية. كان يستغل أي فرصة لأخذ قيلولة لأن هذا التحدي كان شاقًا.
لكن لماذا يبدو التركيز أمرًا صعبًا للغاية؟ تشير الدراسات إلى أنه حتى عندما نحاول بجد الانتباه لشيء ما، فإن نصفنا سيتشتت ذهنه في أحلام يقظة أو يشعر برغبة في التحقق من وسائل التواصل الاجتماعي أو القيام بأي شيء يجلب السعادة لدماغنا.
ما الذي يحدث هنا؟ نحن نواجه واحدة من أقدم العمليات التطورية في الدماغ، وهي عملية التعلم المبنية على ما يُعرف بالتعزيز الإيجابي والسلبي. هذه العملية تعمل ببساطة كالتالي: نرى طعامًا يبدو لذيذًا، يرسل الدماغ إشارة بأن هذا الطعام جيد لنا للسعادة وتحسين المزاج، نأكل الطعام ونشعر بالرضا، وبالتالي نربط السعادة مع هذا الطعام، ونتعلم تكرار هذه العملية.
بعد فترة، تتطور أدمغتنا لتطبيق هذه العملية على مشاعرنا أيضًا. ويقول لنا دماغنا، هل تعلم ماذا؟ في المرة القادمة التي تشعر فيها بالحزن، لما لا تتناول طعام جيد ليتحسن مزاجك؟ ونشكر دماغنا على هذا الاقتراح الرائع.
لهذا إذا شعرنا بالحزن، قد نلجأ لتناول الشوكولاتة أو الآيس كريم للشعور بالتحسن. هذا يؤدي إلى تشكيل عادات ترتبط بالمشاعر.
لكن كيف يمكننا استخدام هذا الآلية للتغلب على العادات السلبية بدلًا من اكتسابها؟ بدلًا من محاولة محاربة أدمغتنا أو إجبار أنفسنا على التركيز وتجنب المشتتات، ماذا لو استخدمنا هذه العملية الطبيعية للتعلم المبني على المكافأة، ولكن مع إضافة عنصر الفضول؟
انظر: هل تعاني من التشتت الذهني؟ إليك 10 نصائح لمضاعفة مدة تركيزك واقرأ: قاعدة الخمس ساعات.. انضم إلى بيل غيتس وإيلون ماسك لتغيير حياتك للأفضل
التجربة العلمية للفضول الواعي
قام الطبيب جودسون بروير بتجربة في مختبره، درس فيها ما إذا كان التدريب على اليقظة الذهنية Mindfulness يمكن أن يساعد الناس في الإقلاع عن التدخين.
اختار مجموعة من الأشخاص المدخنين الذين حاولوا الإقلاع عن التدخين مسبقًا ولم ينجحوا، وبدلًا من إجبارهم على التوقف عن التدخين، طلبنا منهم التدخين ولكن هذه المرة أن يكونوا فضوليين حيال تجربتهم أثناء التدخين.
ماذا يعني ذلك؟ يعني أن يركزوا أكثر في العملية وما يرافقها. والنتيجة؟ بدأ المدخنون يلاحظون الأشياء بشكل مختلف. إحدى المدخنات وصفت التجربة بأنها “تشبه رائحة الجبن الكريه ومذاق الكيميائيات”. هذا الإدراك جعلها تشعر بالاشمئزاز من التدخين.
استنتج الطبيب أنّه من خلال الفضول، ننتقل من المعرفة النظرية إلى الحكمة العملية. نصبح غير مهتمين بالعادات السلبية لأننا نرى تأثيرها السلبي بوضوح. وهذا ما تدور حوله اليقظة الذهنية: رؤية الأمور بوضوح والابتعاد عن العادات الضارة دون الحاجة لإجبار أنفسنا.
عندما نكون فضوليين، نلاحظ أن الرغبات تتكون من مشاعر جسدية تأتي وتذهب. بدلًا من الشعور بالإرهاق من الرغبة، نتمكن من التعامل معها كقطع صغيرة من التجارب التي يمكننا التحكم فيها.
اقرأ: ما هي أفضل كتب تطوير الشخصية؟
نتائج الدراسات
قد يبدو هذا بسيطًا للغاية، لكنه فعّال. ففي الدراسة السابقة، وجدوا أن التدريب على اليقظة الذهنية وامتلاك الفضول كان أكثر فعالية بمرتين من العلاج التقليدي في مساعدة الناس على الإقلاع عن التدخين.
وفي الوقت الراهن أصبح الطبيب وفريقه والعديد من الباحثين يستخدمون التكنولوجيا لتقديم برامج تدريب على اليقظة الذهنية عبر التطبيقات والإنترنت، مما يساعد الناس على الابتعاد عن أنماط العادات السلبية مثل التدخين وتناول الطعام عند التوتر وغيرها من العادات السلبية.
تطبيق الفضول الواعي في حياتنا اليومية
في المرة القادمة التي تشعر فيها برغبة في التحقق من بريدك الإلكتروني أو الرد على رسالة نصية وأنت تقود السيارة، حاول أن تكون فضوليًا تجاه ما يحدث في جسدك وعقلك في تلك اللحظة. قد تكون هذه فرصة لتخرج من دورة العادات السلبية وتختبر الفرح الناتج عن التحرر منها.
الفهم العميق لكيفية عمل أدمغتنا وباستخدام فضولنا الطبيعي، يمكننا التغلب على العادات السلبية وتحقيق حياة أكثر صحة وسعادة. المفتاح هو الوعي والفضول تجاه تجاربنا اليومية، مما يمكننا من كسر الدورات السلبية واحتضان حياة أكثر إيجابية.
اقرأ: 8 علامات غير معروفة في لغة الجسد تعكس مستوى الذكاء العالي
شاهدوا الحلفة كاملة من هذا الفيديو:
يمكنك قراءة مقالات مشابهة في قسم تطوير الذات وبناء الشخصية.
هل تبحث عن فرص ووظائف للعمل عن بعد؟ تفقد مقالات قسم العمل عبر الإنترنت.
مقالات ذات صلة:
8 فوائد لقائمة Bucket list ستدفعك لصنعها على الفور