يسعى الكثير من الأشخاص لتعلم اللغة اليابانية في وقتنا الحالي لارتباطها بالتقدم التكنولوجي واستخدامها في مجالات عدة. ورغم عدم انتشارها بشكل كبير كاللغة الفرنسية أو الإسبانية، إلا أنها تستمر في التوسع والانتشار يوماً بعد يوم، على سبيل المثال، يوجد 156,000 متعلم للغة اليابانية في الولايات المتحدة الأمريكية. ولا بد لمتعلمي اللغة اليابانية من التعرف على اللغة وتاريخها وانتشارها قبل تعلمها وإتقانها، وهذا ما يتمحور حوله موضوع مقالنا الحالي عن مقدمة إلى عالم اللغة اليابانية.
قد مرت اللغة اليابانية كما العديد من اللغات الأخرى بمراحل تاريخية طويلة، مما زاد من إثراءها وغناها وتعزيز لغة هذا البلد الرائع والذي ُيدعى (日本(Nihon باللغة اليابانية، والتي تعني أرض الشمس المشرقة، كما يمثل علمها أيضاً.
وسنقدم حديثاً مختصراً عن تاريخ هذه اللغة الغنية المشوقة لكل من يهتم بثقافة اليابان وتاريخ لغتها.
تاريخ اللغة اليابانية من فترة Yamato وحتى القرن العشرين
منذ حوالي عام 250 م، تأسست أول سلالة لغة يابانية في مقاطعة Yamato، وهي ما تسمى بمحافظة Nara اليوم، حيث تتباين المناظر الطبيعية بين المباني الحديثة والمعابد القديمة، ومن هنا بدأ التطور العظيم لليابانيين. وظلت آثار اللغة محدودة لعدة قرون قبل هذا العصر، حيث كان لليابانيين تقليد شفهي فقط، إلى أن جلب الرهبان البوذيون من الصين نظام كتابتهم إلى الجزر.
في القرن الثامن، بدأ اليابانيون في استخدام الأيدوجرام الصينية (الأحرف والأرقام الصينية، التي ترمز إلى فكرة معينة دون الإشارة إلى الأصوات المستخدمة لقولها). كما تم تطوير أنظمة أخرى للكتابة بعد ذلك، ما ولد النظام المركب النموذجي لليابان والذي لا يزال مستخدماً حتى يومنا هذا.
وقد تم الاعتراف باللغة اليابانية لغة رسمية فعلياً في فترة Edo ما بين القرنين السابع عشر والثامن عشر. وأضافت كل فترة جديدة مجموعتها الخاصة من التغييرات الثقافية واللغوية. أما في فترة Meiji في بداية القرن العشرين، المعروفة بفترة التقدم والتحديث، توحدت اللغة اليابانية بناءً على اللهجة المستخدمة في طوكيو.
في عام 1903، نشرت الحكومة اليابانية كتاباً مدرسياً يابانياً رسمياً للمدارس. والذي كان مشابهاً لتوحيد اللغة الإيطالية على أساس لهجة فلورنسا، أو استخدام الفرنسية الباريسية بعد الثورة الفرنسية. وكأي لغة أخرى، لا تزال تحتوي اللغة اليابانية لهجاتٍ متنوعة، إلّا أن اللغة اليابانية الرسمية تشكلت خلال هذه الحقبة المتأخرة.
الحقبة الحديثة من Cool Japan أو اليابان الرائعة
يرتبط سحر اليابانيون وفنهم بثقافتهم ارتباطاً وثيقاً، فعلى سبيل المثال، J-Pop و manga و animé وألعاب الفيديو الشهيرة والسوشي والساكي: تسمى حديثاً باليابان الرائعة، (cool Japan).
كما انتشرت اللغة اليابانية بقوة من خلال مشاريع عديدة، مثل Pikachu و Hello Kitty وbento ، kawaii، وقد وصلت إلى جميع أنحاء العالم، بما في ذلك أمريكا الشمالية وأوروبا. واللافت أنه يتم الترويج لعبارة “cool Japan” من قبل الحكومة اليابانية ذاتها، لتبين صورة بلادها الحديثة. وكانت أيضاً وسيلة مهمة لليابان لإبعاد نفسها عن الاستياء الذي نما تجاه البلاد أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية.
رغم انعزال اليابان التاريخي، حافظت على علاقات جيدة مع الدول الغربية. حيث شهد القرن السابع عشر قيام أول متحدثين باللغة الإنجليزية بتأسيس اتصال مطول مع اليابان، ولكن لم تتم ترجمة كتاب قواعد اللغة الإنجليزية لليابانية نهائياً حتى عام 1841.
أما اليوم يمكن لحوالي 19 مليون شخص على الأقل في اليابان التحدث ببعض اللغة الإنجليزية. وقد شهدت اليابان هجرة أعداد هائلة من اليابانيين إلى الولايات المتحدة، في الواقع قد انتقل 127,000 شخص إلى أمريكا بين عامي 1901 و 1908 فقط.
مقدمة إلى اللغة اليابانية في وقتنا الحالي
هناك ما يقارب 126 مليون ناطق باللغة اليابانية اليوم. ومنهم 125 مليون شخص متحدثين أصليين للغة. وفي حين أنها الأغلبية بشكل واضح، إلا أنه هناك مجتمعات ناطقة باللغة اليابانية منتشرة في جميع أنحاء العالم.
فقد كانت اللغة موجودة في ولايتي كاليفورنيا وهاواي في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من نقص عدد المتحدثين بها تدريجياً، فإن الولايات المتحدة لديها أكبر عدد من المتحدثين اليابانيين مقارنة مع أي دولة أخرى، يبلغ عددهم حوالي 449,000.
كما يوجد أيضاً عدد كبير من السكان اليابانيين في البرازيل، لأنها كانت وجهة شهيرة للمهاجرين اليابانيين في أوائل القرن العشرين. وغالباً ما اعتمد أحفاد المهاجرين اليابانيين اللغة البرتغالية كلغتهم الرئيسية، ولكن يُرجح وجود مئات الآلاف من الأشخاص الذين يتحدثون اللغة اليابانية في البرازيل اليوم.
بالإضافة لوجود متحدثون يابانيون في المكسيك والمملكة المتحدة وألمانيا وهونغ كونغ والعديد من البلدان الأخرى، رغم أنها تعدّ أقلية.
أما عن اعتبارها لغةٍ رسمية خارج اليابان، فهناك مكان واحد فقط يعترف باللغة اليابانية كلغة رسمية، وهي جزيرة Angaur الصغيرة على بعد 3000 ميل جنوب Honshu، التي كانت قد احتلتها اليابان منذ زمن، وهي واحدة من 16 ولاية في جمهورية بالاو Palau. في الواقع، في هذه الجزيرة الواقعة في المحيط الهادئ، والتي يبلغ عدد سكانها حوالي 100 نسمة وتبلغ مساحتها ثلاثة أضعاف حجم مطار LAX، قد انقرض اليابانيون تقريباً.
أنظمة الكتابة في اللغة اليابانية
تستخدم الكتابة اليابانية ثلاثة أنواع من الرموز وهي: hiragana, katakana, kanji.
قد يكون تعلم الثلاثة معاً أمراً محيراً وصعباً لشخص غير معتاد على اللغة، ولكن لكل من الرموز اليابانية هدفه. فكما الحروف اللاتينية، تُعتبر hiragana رموز صوتية تُستخدم لكتابة الكلمات اليابانية. أما katakana فتشير للمفردات ذات الأصول الأجنبية (بعيداً عن الصينية). في حين أنّ kanji تأتي من الأحرف الصينية.
تتوافق كل مجموعة من الرموز مع أصواتها ومعناها. يوجد في اللغة اليابانية 50000 رمز kanji تقريباً، لكن يحتاج الشخص إلى تعلم 2000 رمز منها لإتقان معظم الاستخدامات اليومية للغة اليابانية. وفي الحقيقة يوجد قائمة من رموز ال kanji الأكثر فائدة للاستخدام أثناء التحدث باللغة اليابانية، تدعى قائمة joyo kanji.
كما تترابط أنظمة الكتابة الثلاثة السابقة وتُستخدم معاً، ومن الطبيعي تواجدها مع بعضها في نفس الجملة.
عائلة اللغة اليابانية
يعتقد الكثيرون أن اللغتين اليابانية والصينية ينتميان إلى عائلة لغوية واحدة، إلا أنهما ينتميان لأصولٍ لغوية مختلفة تماماً.
حيث تنتمي لغة الماندرين إلى عائلة اللغة الصينية- التبتية، وهي مرتبطة باللغات الصينية الأخرى، بينما تعدّ اللغة اليابانية لغة منعزلة، فهي تنتمي إلى عائلة لغوية خاصة بها. كما أنّ هناك عائلة نظرية من اللغات الألتية، التي تجمع اللغة اليابانية إلى جانب التركية والمنغولية وحتى الكورية، إلا أنها غير مؤكدة.
تعلم اللغة اليابانية
غالباً ما يُعتقد أن اللغة اليابانية معقدة وصعبة التعلم والإتقان. لكن علمياً، يعتقد كل شخص أن اللغة الأجنبية الغريبة عنه صعبة وغير مفهومة لأنه ليس معتاداً عليها بكل بساطة. فكما اللغات الصينية أو الروسية أو العربية ستبدو صعبة وغير مفهومة لغير المعتادين عليها، واليابانية ليست باستثناء.
رغم اختلاف أنظمة الكتابة والحروف والمفردات بينها وبين اللغات الأوروبية، إلا أنها ليست بالمستحيلة.
إذ تبدو اللغة اليابانية مختلفة لأنها تستخدم ترتيب كلمات SOV (subject-object-verb) أي (فاعل – مفعول به- فعل). فعلى سبيل المثال، يُقال في اليابانية، (أنا الخبز أتناول) بدلاً من (أنا أتناول الخبز)، (SVO، فاعل – فعل – مفعول به).
هذا الأمر يبدو غريباً ومختلفاً للأشخاص الذي يتحدثون لغات مختلفة تماماً، إلا أن اللغة اليابانية ليست اللغة الوحيدة التي تستخدم هذا الترتيب، فهناك لغات أخرى، كالتركية والفارسية والباسكية واللاتينية. وفي اللغة اليابانية، غالباً ما يتم حذف الفاعل عندما يكون واضحاً من سياق الجملة، لذلك فمن المألوف العثور على بنية OV (المفعول به – الفعل).
يمكن أن تشكل بعض التسهيلات في القواعد أخباراً جيدة لمتعلمي اللغة اليابانية، إذ لا تحتوي اللغة اليابانية على صيغة الجمع، ولا تحتوي على أدوات النكرة والتعريف definite and indefinite articles، والأهم أنّه في أغلب الحالات يمكن فهم ما يتم التحدث عنه باللغة اليابانية من سياق الحديث.
من ميزات اللغة اليابانية، أنها لا تحتوي على أسماء محددة لشهور مثل يناير وفبراير ومارس. وبدلاً من ذلك، يستخدم اليابانيون kanji 月 (“القمر” أو عملياً يشير إلى “الشهر”) مع إضافة رقم الشهر.
هذه كانت مقدمة مختصرة إلى عالم اللغة اليابانية الجميل، وكما رأينا اللغة اليابانية كما باقي اللغات تتمتع بخصائص تميزها، ورغم أنها قد تبدو صعبة للبعض إلا أنها ستكون سهلة التعلم والإتقان أمام الأشخاص ذوي الدافع القوي والمحفز.
إذا كنت تبحث عن مصادر موثوقة وطرق فعّالة لتعلم اللغات الأجنبية، ألقي نظرة على قسم تعلم اللغات الأجنبية!
إن كنت تتعلم اللغة اليابانية، ألقي نظرة على معلومات تعلم اللغة مجاناً من المنزل عبر قسم تعلم اللغة اليابانية!