هل تشعر مؤخراً بأن عقلك مشتت للغاية وتستهلك وقتاً طويلاً لتستعيد تركيزك لإنجاز مهامك؟ إذا كنت كذلك، فتأكد بأنك لست الوحيد الذي يعاني من التشتت الذهني وعدم التركيز. حيث يمر الكثير منا بفترات من فقدان التركيز وذلك لوجود الكثير من مصادر الإلهاء حولنا وفي كل مكان نقصده من المنزل أو العمل وغيرها. وهو ما تميل أدمغتنا لاستقباله بشدة لتخفيف ضغط العمل، وبذلك تقل مدة الانتباه والتركيز إلى أدنى درجة.
ووفقاً لدراسة أجرتها جامعة هارفارد، يقضي الأشخاص 47٪ من ساعات استيقاظهم في أماكن مشتتة. لذلك حتى إن كنت تشعر بالتركيز، فإنّ عقلك لا ينخرط بالمهمة التي تقوم بها طوال الوقت.
كما لاحظت العديد من الدراسات والأبحاث تراجع مدة الانتباه لدى الأشخاص عبر السنين. فرغم كل التطور الذي من المفترض أن يسهل علينا المهام ويختصر لنا الوقت للإنجاز، انعكس ذلك سلباً علينا. حيث أثبتت بعض الدراسات أن مدة انتباه الأشخاص قد انخفضت من 12 إلى 8 ثواني خلال عقدين فقط، وذلك لتزايد المشتتات الخارجية والتي تؤثر على تركيزنا حتى وإن لم نكن نستخدمها.
أسباب التشتت الذهني وعدم التركيز
قد يكون التشتت الذهني مؤقت ومرفق مع التوتر أو التعرض لحافز معين، لكن إن أصبحت قلة مدة التركيز لديك مشكلة دائمة، قد يعود سببها لعوامل صحية، ومنها:
- القلق والتوتر الدائم.
- الكآبة والتي تؤثر سلباً على كل وظائف الجسم وقلة التركيز والانتباه أحدها.
- ADHD (Attention- Deficit- Hyperactivity Disorder) وهي حالة مزمنة لصعوبة الانتباه والتركيز وفرط النشاط والذي يبدأ بمرحلة الطفولة وقد يمتد لمرحلة البلوغ إذا لم يتم التعامل معه.
- اضطراب المعالجة الحسية، وهو عبارة عن مشاكل في التحكم بالحواس والتحكم بالذات بشكل عام.
- اضطرابات التعلم، وهو ما يعيق الشخص عن تعلم كل جديد والاحتفاظ به.
- الصدمة والتي تؤثر على الانتباه والتركيز بشكلٍ كبير.
إذا كانت هذه الحالات هي المسبب الرئيسي لمشاكل التركيز والانتباه فيمكن تجاوزها بمعالجة الحالة الصحية. أما عن الأبحاث الأخرى والتي تظهر أن التركيز والانتباه يعتمد على العمل الذي ننجزه.
فوفقاً للدكتورة جيما بريجز، محاضرة علم النفس في The Open University، لا يوجد شيء يدعى متوسط مدة التركيز والانتباه، لأنّ الأمر يعتمد بشكل أساسي على طبيعة المهمة التي ننجزها.
فعلى سبيل المثال يمكن للشخص التركيز لمدة 30 دقيقة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو يمكن له الجلوس لمشاهدة فيلم لمدة ساعتين دون فقدان تركيز.
لهذا السبب لا يوجد شيء يدعى متوسط مدة التركيز والانتباه وفي حقيقة الأمر الجميع يعاني من التشتت الذهني ولكن الأمر متروك للجهد الذي يبذله الشخص لاستعادة تركيزه عند تشتته.
يقول الدكتور جاد مارشال، المتخصص في الخرف في جامعة هارفارد للطب: “للتخلص من التشتت الذهني، استثمر المزيد من وقتك في ممارسة االتمارين الهوائية مثل المشي أو ركوب الدراجة أو السباحة، واتباع نظام غذائي نباتي. يساعدك ذلك في تقوية الذاكرة والمحافظة على صحة الدماغ على المدى الطويل أكثر من أي مكمل”.
اقرأ: تعلم مهارات جديدة: 10 مهارات مطلوبة يمكنك تعلمها بنفسك عبر الإنترنت
10 نصائح لمضاعفة مدة تركيزك والتخلص من التشتت الذهني
في التالي من مقالنا سنستعرض أهم النصائح التي قدمها الخبراء لمساعدتنا على التخلص من التشتت الذهني وتقوية التركيز والانتباه بنسبة عالية.
1. توقف عن كونك شخص متعدد المهام
سبق وأن تحدثنا عن تعدد المهام وخطره على صحتك الجسدية والعقلية. إذ يسبب تعدد المهام ضياع انتباهك ما بين المهمة والأخرى، مما يؤخر إنجازك للأعمال من جهة واستهلاكك لطاقتك الفكرية وقوتك البدنية في محاولة التوفيق بين كل المهام.
وفي نفس الوقت فأنت تضيع فرصة تعلم شيء جديد أثناء عملك، وذلك بالإضافة لظهور الكثير من الأخطاء في العمل.
حاول دائماً إنجاز مهمة تلو الأخرى، بحيث تصب تركيزك وتجمع حواسك وأفكارك بما يتطلب منك العمل لإكماله. ستلاحظ عندها تحسن جودة العمل وارتفاع قدرتك على التركيز والانتباه إلى جانب إتمامك للمهمة في الوقت الصحيح.
تفقد مقالنا السابق بعنوان: هل تعدد المهام أمر جيد؟ 10 أسباب لتتوقف عن كونك شخص متعدد المهام
2. التخلص من مصادر الإلهاء
سواء كنا نعمل في المنزل أو خارجه فإن مصادر الإلهاء تتواجد في كل مكان، من هواتفنا المحمولة إلى الأشخاص المحيطين بنا. ولكن إذا أردنا أن نزيد من نسبة تركيزنا وانتباهنا على إنجاز العمل لابد لنا من التخلص من الملهيات وعلى رأسها الهاتف المحمول. أثبتت بعض الدراسات أن مجرد تواجده إلى جانبك يسبب لك شتات العقل وفقدان التركيز.
لتستعيد تركيزك وانتباهك عليك أن تتخلص من كل مصادر الإلهاء من حولك وتحاول أن تعزل نفسك عن كل الضوضاء الخارجية لبعض الوقت حتى إنهاء العمل.
3. اعتني بصحتك البدنية
بعيداً عن المؤثرات الخارجية التي يمكن أن تؤثر على تركيزنا، فإن صحتنا البدنية هي الأهم لنستطيع الحفاظ على نشاط عقلنا وعمله. احرص دائماً على العناية بجسدك وصحتك من خلال اتباع بعض الخطوات الأساسية ومنها:
- شرب الكثير من الماء لتحافظ على الترطيب المطلوب للجسم والعقل وحمايته من الجفاف الذي يضعف وظائف الدماغ كالانتباه، والأداء المعرفي والذي قد يؤدي للإصابة بالزهايمر. فاحرص على شرب الماء بكميات كافية على مدار النهار لتساعد الجسم على امتصاصه.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، كالمشي يومياً في الهواء الطلق وتنشق الهواء النظيف. حيث تحفز النشاطات الرياضية على إطلاق مواد كيميائية في الدماغ تحسن من تسريع عملية التعلم والانتباه وأداء الذاكرة.
- تناول غذاءٍ صحي ومنتظم ليمدك بالطاقة والقوة التي تحتاجها لإنجاز مهامك اليومية.
- منح الجسم حاجته من الراحة والنوم الجيد الذي يحسن من عمل الذاكرة ويعزز التركيز والانتباه لدى الأشخاص.
انظر: 10 أساليب للتعلم بسرعة وأول 5 منها لا يعلم بها إلا القليلون
4. مارس ألعاب الذكاء
كطريقةٍ أخرى للاعتناء بصحتك، تعدّ ألعاب الذكاء إحدى أفضل الوسائل لتدريب عقلك على ممارسة وظائفه من تفكير وتركيز وانتباه.
إذ أظهرت الدراسات أن 15 دقيقة يومية من ممارسة ألعاب الذكاء كفيلة بأن تحسن من عمل الدماغ وقدرته على تعلم واكتساب المهارات بسرعة وفي وقتٍ قليل.
كما أظهرت الدراسات أن حتى بعض ألعاب الفيديو لمدة ساعة يومياً يمكن أن تحسن الانتباه وتركيز الأشخاص على إنجاز المهام بعيداً عن المشتتات.
5. الاستماع للموسيقى
ذكرنا في نقطة التخلص من مصادر الإلهاء أن الانعزال عن المحيط الخارجي والتخلص من الضوضاء سيساعدك على التركيز في مهمتك؛ والاستماع للموسيقى هي طريقة مناسبة للانعزال عن محيطك.
وبالطبع فإن اختيارك للموسيقى المناسبة يلعب دوراً كبيراً في مساعدتك على التركيز. حيث أثبتت بعض الدراسات أن الموسيقى الكلاسيكية والسمفونيات الهادئة تحفز الدماغ على زيادة الانتباه والتركيز على المهمة. كما أن فترات الاستراحة ما بين مقطعٍ صوتي وآخر تمنح الراحة للعقل من جهة وتساعده على استعادة التركيز والانتباه من جهةٍ أخرى.
قد يهمك: 10 مواقع وتطبيقات لاستماع وتحميل الكتب الصوتية لملء أذنيك بمعلومات قيّمة
6. التأمل
إذا كنت قد مارست التأمل من قبل، فستدرك مدى فائدته وأهميته لتحسين حياتك بشكلٍ عام. فإذا كانت التمارين الرياضية وتناول الغذاء الصحي هما الأفضل لصحة الجسم، فإن التأمل هو أفضل تمرين لصحتك العقلية.
فقد أظهرت دراسة علمية لجامعة كاليفورنيا، تحسن كبير وواضح في درجات الطلاب الذين مارسوا التأمل لمدة تتراوح ما بين 10-20 دقيقة ولأربعة أيام في الأسبوع. حيث يعتمد التأمل على تدريب العقل لتعزيز قدراته على التركيز والانتباه وطريقة التفكير.
اقرأ مقالنا السابق: أفضل 5 من فوائد التأمل في تحسين التركيز اليومي
7. تنظيم يوم العمل
في حين يعمل معظمنا 5 أيام في الأسبوع، من الطبيعي أن يشعر العقل بالملل ويفقد الانتباه إذا لم يكن يوم العمل منظماً بشكلٍ جيد.
أثبتت الدراسات تحسن أداء العقل عند تنظيم يوم العمل لفترات متناسبة من أوقات العمل وأوقات الراحة. حينئذ سيعمل الدماغ على برمجة نفسه ليعطي كل الانتباه المطلوب لإنهاء العمل في الوقت المحدد له وسيتطلع لفترة استراحته. بتنفيذ هذه الطريقة ستجد أنك أصبحت أكثر إنتاجية بل ومستمتع بعملك كما بوقت راحتك.
اقرأ: إليك أفضل 13 طريقة لزيادة التركيز في العمل ومضاعفة الإنتاجية
8. تقدير مهامك اليومية
غالباً ما يعود سبب قلة الانتباه والتركيز لوجودك أمام الكثير من المهام المفروضة عليك، وأنت بدورك تحاول جاهداً لإنجازها بأسرع وقت. يجب أن يكون الحل لهذه المشكلة بسيط،
فيمكنك تحديد المهام الأكثر ضرورة وأهمية والتي غالباً ما تسبب لك التوتر، ويمكنك تقسيمها لمهامٍ أصغر مما يسهل عليك إنجازها ومما يعزز من تركيزك عليها إلى جانب المهمات الأخرى.
اقرأ: كيفية إنشاء جدول يومي لتنظيم الوقت ونصائح لاستخدامه والالتزام به
9. تقسيم المهام
إذا كنت تعاني من فقدان الانتباه فتفقد من تنظيم مهامك اليومية، وغالباً ما ستجد نفسك أمام مهماتٍ كبيرة تحتاج للكثير من الانتباه والتركيز وهو ما يُشعر عقلك بحاجته للراحة وشروده مع أي مؤثر خارجي.
ولتجنب ذلك، كل ما عليك القيام به هو تقسيم المهام إلى خطواتٍ صغيرة يمكن إنجازها بوقتٍ قليل بما يكفيها من انتباه وتركيز لمدةٍ محدودة. سيساعدك ذلك في رفع نسبة الانتباه والتركيز لتحقيق أهدافك الحالية والمستقبلية.
10. التركيز
لترفع من نسبة انتباهك لابد أن تضع كامل تركيزك على ما تفعله. فقد أثبتت الدراسات أن معظم الأشخاص غير قادرين على التركيز على مهمةٍ واحدة لأكثر من 40 دقيقة. ولذلك حاول دائماً أن لا تفقد تركيزك على المهمة لوقتٍ طويل، فقط استجمع تركيزك على المهمة من جديد وستحافظ على انتباهك لوقتٍ أطول.
حتى وإن كان من الصعب أن نوجه انتباهنا كما نرغب في وسط كل الضوضاء والتطور الرقمي المحيط بنا، ولكن مع القليل من الجهد والإصرار في تجنب مصادر الإلهاء والاهتمام بالصحة العقلية والجسدية سنتمكن من رفع نسبة الانتباه وإنجاز أعمالنا بأفضل أداء ممكن.
يمكنك قراءة مقالات مشابهة في قسم تطوير الذات وبناء الشخصية.
هل تبحث عن فرص ووظائف للعمل عن بعد؟ تفقد مقالات قسم العمل عبر الإنترنت.
مقالات ذات صلة: